تمثل الهجرة غير الشرعية أخطر الظواهر في العصر الحالي، حيث لا يمر يوم واحد إلا وهناك العديد من الأرواح التي تُزهق إما برصاص حرس الحدود وإما غرقًا في زوارق التهريب، أما من يتمكن من النجاة والوصول إلى الأرض الموعودة في (أوروبا ) ودول الغرب فإنه يتعرض للكثير من العنصرية والضغط من سكان وحكومات الدول التي هرب إليها والتي تطالبه بالرغم من كافة المخاطر التي تكبدها في الهجرة بأن يعود إلى بلاده مرة أخرى.
إن حجم الأرباح التي تحصل عليها شبكات المافيا التي تقوم بالتجارة في تهريب البشر من خلال الهجرة غير الشرعية قد وصل إلى 4.4 مليار دولار وهو ما يدل على حجم الكارثة التي يعيشها الشباب في (آسيا ) و(أفريقيا) والشرق الأوسط، حيث أصبحت دول (أوروبا ) بالنسبة إليهم هي الملاذ الوحيد للهرب، وتشير الدراسات إلى أن مافيا تهريب البشر تتركز في منطقة (البلقان ) وخصوصًا (البوسنة ) التي أصبحت مركز تصدير هذا النوع من الهجرة.
وقد أشارت الأمم المتحدة أن 10% من المهاجرين غير الشرعيين الذين يدخلون إلى (أوروبا ) يأتون من (البلقان )، حيث عثرت السلطات في (كرواتيا ) على 250 ألف مهاجر غير شرعي كما احتجزت السلطات في (سلوفينيا ) نحو 350 ألف آخرون، لكن هذه الأرقام تصبح لا شيء إذا ما عرفنا أن أعداد المهاجرين غير الشرعيين في العالم بأكمله تتراوح ما بين 15- 30 مليون مهاجر.
أما دول الاتحاد الأوروبي التي وجدت نفسها تستقبل سنويًا نحو 400 ألف مهاجر غير شرعي، فقد بدأت في تشديد عقوبات الغرامة والسجن على أي شخص يثبت عليه أنه يشارك في عمليات التهريب تلك أو يسهل وصولها، وقد تحولت تلك القضية إلى أهم القضايا التي يناقشها الاتحاد الأوروبي ويسعى إلى وضع حد لها لا سيما بعد الحادثة التي مات فيها 58 صينيًا وهم في طريقهم إلى (إنجلترا )، حيث قام زعماء مافيا تجارة تهريب البشر بشحنهم في إحدى الشاحنات المخصصة لنقل البضائع حتى ماتوا خنقًا.
وقد تكررت الحادثة مرة أخرى حين مات 30 عراقيًا كان يتم نقلهم في شاحنتين تنقلان بذور القطن؛ حيث كانوا يعانون من الجوع والعطش وعدم الحركة بالإضافة إلى ذلك فهناك 120 مغربي لقوا حتفهم غرقًا أثناء عبورهم إلى (أسبانيا ) عبر مضيق جبل طارق في زوراق بدائية، وقد استمرت تلك الدول في تشديد الإجراءات التي تمنع وصول المزيد من المهاجرين غير الشرعيين إليها، فقامت بوضع أسلاكًا شائكة وحراسة مشددة على حدودها الجنوبية، كما عقدت اتفاقيات مع دول الجنوب تلزم تلك الدول باستعادة المهاجرين إلى أوطانهم الأصلية والعمل على إعادة توطينهم.
الأهمية الاقتصادية للمهاجرين ومستقبل دول (أوروبا ) إذا قامت بالتخلص منهم
تسعى الدول الأوروبية بشكل حاسم إلى طرد الأجانب والمهاجرين، لا سيما بعد العديد من المشاكل التي بدأت في الظهور نتيجة تزايد أعداد هؤلاء المهاجرين الوافدين إليها، دون أن تدرك الأهمية الاقتصادية لهؤلاء المهاجرين فهم يمثلون قوة استهلاكية وقوة إنتاجية لا يمكن أن يستهان بها، وهو ما جعل العديد من التقارير والدراسات تشير إلى دور المهاجرين في نمو وتطور حركة الاقتصاد في (أوروبا )، وتحذر من إعادتهم إلى أوطانهم الأصلية.
وسنجد أهم الأمثلة على الدور الاقتصادي الهام للمهاجرين تتمثل في مدينة (ألخيدو ) في جنوب (أسبانيا )، التي كانت تضم 20 ألف مهاجر مغربي من أصل 55 ألف من سكان هذه المدينة، لكن العنصرية والعدائية التي كان يتم التعامل بها مع هؤلاء المهاجرين هو ما دفع هؤلاء المهاجرين إلى الفرار من هذه المدينة، وقد نتج عن ذلك تراجع شديد في الإنتاج الزراعي لا سيما الطماطم والفلفل التي كانت تشتهر (ألخيدو ) بإنتاجهما، كما أضر ذلك بقطاع تربية الماشية والأغنام وهو ما أثر بدوره على إنتاج الألبان وعلى عمل المطاعم التي تعتمد على هذه المنتجات.
لم يتوقف الأمر عند تدهور القطاعات الإنتاجية التي كان يعمل بها هؤلاء المهاجرين، بل تدهورت كذلك بعض القطاعات التي كان يمثل المهاجرين فيها قوة شرائية كبيرة، فقد كانت المحال التجارية في مواسم أعياد المهاجرين تكتظ بأعداد هائلة من الأسر التي تقوم بشراء احتياجاتهم واحتياجات ذويهم، وقد تعرضت هي الأخرى للتدهور حيث تشير الدراسات إلى أن 70% من المترددين عليها كانوا في الأساس من المهاجرين، وهو ما جعل تلك الدول تدرك الأهمية الاقتصادية لهؤلاء المهاجرين كترس هام في عجلة اقتصادها.
وعلى الرغم من الإجراءات التي يتخذها الاتحاد الأوروبي لتقليص أعداد المهاجرين الوافدة إليه، فإن الدراسات تشير إلى أنه سيكون بحاجة إلى ما بين 50- 75 مليون مهاجر في السنوات الخمسين المقبلة إذا كانت (أوروبا ) تريد حقًا تطوير كافة المجالات والميادين، لا سيما وأن الدراسات تؤكد أن معدلات الشبان في (أوروبا ) ستتناقص بشكل ملحوظ في الخمسين سنة المقبلة نتيجة نقص المواليد وارتفاع عدد كبار السن؛ لذا تجد (أوروبا ) نفسها مضطرة إلى التخلي عن سياسة الهجرة صفر التي كانت تتبناها والتي كانت تهدف إلى عدم استقبال أية مهاجرين جدد وإعادة المهاجرين الأجانب الموجودين بها إلى أوطانهم الأصلية، بل إن كافة التقارير بدأت تشير إلى ضرورة تسهيل إجراءات الهجرة لاستقدام مزيد من المهاجرين الذين أصبحوا يشكلون وسيلة نجاة هامة لـ (أوروبا ).
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان